مشروع طالبات جامعة الأميره نوره - قسم التغذيه - مهارات التفكير - التفكير في القران والسنه

مشروع طالبات جامعة الأميره نوره - قسم التغذيه - مهارات التفكير - التفكير في القران والسنه

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا’ وسيئات أعمالنا’من يهده الله فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..

التفكير في القرآن الكريم :
تكررت مادة ( فكر ) في القرآن الكريم ثماني عشرة مرة وجاءت بصيغة الفعل الماضي مرة واحدة في قوله تعالى : (( إنه فكر وقدر ، فقتل كيف قدر )) .
أما في بقية المواضع فجاءت بصيغة الفعل المضارع : تتفكرون ، يتفكرون ... والقرآن ذكر (( التفكًر )) الذي هو اسم التفكير كما مر في المعنى اللغوي ، وكلما يفرق الباحثون بينهما ، إلا أن بعض الباحثون يرى أن التفكر يختلف عن التفكير ( في عمقه وفي أنه يعبر بتصوراته ومفاهيمه من الدنيا إلى الآخرة ، ومن المخلوقات إلى خالقها جل وعلا . وهذا العبور هو ما يعبر عنه باصطلاح العبرة والاعتبار . لذلك قد يكون التفكير محصورا في حل المشلات الدنيوية وربما يكون بعيدا عن العاطفة والانفعال ، لكن التفكر بعبوره برزخ الدنيا وضيقها إلى سعة الآخرة ، وخروجه من قمقم المادة إلى انطلاق الروح اللانهائي ، يحرك حميع نشاطات المؤمن المعرفية الداخلية والخارجية . فهو يستفيد من الخبرات السابقة ، ويربطها بإدراكه الحسي للمخلوقات التي يتفكر فيها ، وبرموزها وتعبيرها التي اكتسبها من استخدام اللغة ، ويضفي عليها من تصوراته وخيالاته لما كانت عليه في الماضي وما يمكن أن تصير إليه في مستقبل حياتها . ويؤجج كل ذلك بعاطفة جياشة وخشية صادقة لله – عز وجل - ) .
فالتفكر يتضمن التفكير ، إلا أن فيه خطوة زائدة على التفكير ، إذ التفكير ربما كان محصورا في عالم الشهادة ، لكن التفكر يخطو خطوة أبعد من ذلك للوصول إلى استنتاجات وأحكام ، ثم إلى سلوك إيماني يفيض بالعاطفة الصادقة ، يستجيشها التفكر الخاشع في عظيم قدرة الله تعالى وحكمته : (( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار )) .
وقد جاءت الدعوة إلى التفكر في القرآن الكريم صريحة ومقصودة في كثير من آياته ومنها : قوله تعال : (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروت ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد )) .
قال الزمخشري في معنى هذه الآية : (( إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق ، وتخلصتم ، وهي أن تقوموا لوجه الله خالصا متفرقين اثنين اثنين وواحدا واحدا ، ( ثم تتفكروا ) في أمر محمد –صلى الله عليه وسلم- وما جاء به، أما الاثنان فيفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه ، وينظران فيه نظر متصادقين متناصفين ، لا يميل بهما اتباع هوى ولا ينبض لهما عرق عصبية حتى يهجم بهما الفكر الصالح والنظر الصحيح على جادة الحق وسننه ، وكذلك الفرد يفكر في نفسه بعدل ونصفة من غير أن يكابرها ويعرض فكره على عقله وذهنه ، وما استقر عنده من عادات العقلاء ومجاري أحوالهم . والذي أوجب تفرقهم مثنى وفرادى أن الاجتماع مما يشوش الخواطر ويعمي البصائر ويمنع من الروية ويخلط القول ، ومع ذلك يقل الإنصاف ويكثر الإعتساف ويثور عجاج التعصب ولا يسمع إلا نصرة المذهب )) .
وتتعدد أساليب القرآن في الدعوة إلى التفكر ، فتكون الدعوة أحيانا من خلال التكير بنعم الله وآلائه (( فيكون التفكر والعبرة من خلال الجو الحاني من صفات الرحمة الودودة )) . قال تعالى : (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) . وقال تعالى : (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يشعرون ، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون )) .
وفي أحيان أخرى يأتي الحض على التفكر في معرض بيان الغاية التي من أجلها يضرب الله للناس الأمثال ويقص القصص ويلفت النظر إلى آيات الله المبثوثة في الآفاق وفي أنفسهم .
قال تعالى : (( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) .
وقال تعالى : (( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )) .
وتارة أخرى يكون الأسلوب القرآني في الدعوة إلى التفكير ( عنيفا مقرونا في بعض الأحيان بالتهديد والوعيد ، وهذه هي الآيات الموجهة لذوي القلوب القاسية الكافرة التي تحتاج لمثل هذا الأسلوب الصارم ) .
وفي مثل هذه الآيات تأتي الدعوة إلى التفكر بأسلوب الاستفهام الاستنكاري من مثل قوله تعالى : (( أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالخق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بببلقاء ربهم لكافرون )) . وقوله تعالى (( أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين )) .
والقرآن الكريم يهدف إلى أن يصل الإنسان من خلال تفكره إلى أحكام صائبه ، مبينة على استدلال صحيح ، ومن هنا فهو يعيب على المشركين الذين لم يقدهم تفكيرهم إلى الصواب ، ولم يصلوا إلى أحكام ونتائج منسجمة مع مقدماتها .
يقول تعالى في حق أحد زعماء المشركين الوليد بن المغيرة : (( إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر )) .
وقد روى في سبب نزول هذا الآيات : أن الوليد قال لبني مخزوم : والله لقد سمعت من محمد أنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاع لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإن يعلو وما يعلى فقالت قريش : صبأ والله الوليد والله لتصبأن قريش كلهم فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكموه ، فقعد عنده حزينا وكلمه بما أحماه . فقام فأتاهم فقال : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط . وتزعمون أنه كذاب فهل حربتم عليه شيئا من الكذب ؟ فقالوا في كل ذلك : اللهم لا . ثم قالوا فما هو ؟ ففكر فقال : ما هو إلا ساحرا ؛ أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ، وما الذييقوله إلا سحر يأثره عن أهل بأبل ، فأرتج النادي فرحا وتفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه ) .
فقد كان ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – مشكلا على المشركين ، مما استدعى النظر والتفكر فيما جاء به عليهالصلاة والسلام ، لكن هذاالكافر قد قاده كفره إلى ما قال بحق القرآن ، لا أن الحق قد التبس عليه .
والقرآن الكريم يذكر التفكير ويعبر عنه بكلمات متعددة تشترك في المعنى احيانا وينفرد بعضها بمعناه على حسب السياق أحيانا أخرى . فهو الفكر والنظر والبصر والتدبر والاعتبار والذكر والعلم وسائر هذه الملكات الذهنيه التي تتفق أحيانا في الدول، ولكنها لا تستفاد من كلمة زاحدة تغني عن ساءر الكلمات الأخرى .

اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا, وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..

المرجع :
كتاب جوانب الفكر والتفكر في القرآن الكريم
المؤلف : محمود محمد عواد الهيشان


هيفاء عبدالخالق يحيى 3o4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق