التفكر: يقول تعالى قي سورة آل عمران: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {191}أل عمران
التفكر لغة: مأخوذ من - ف ك ر – التي تدل كما يقول ابن فارس: على تردد القلب في الشيء، يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبرا، ولفظ التفكر مصدر لتفكر . وجاء في لسان العرب : الفكر والتأمل وإعمال الخاطر في الشيء. (1)
واصطلاحا: تصرف القلب في معني الأشياء لدرك المطلوب. وهو التدبر والاعتبار. وهو عبادة تمارس بالقلب والعقل وتشترك فيها الحواس.
والتفكر في أي موضوع من المواضيع يعني إعمال الفكر إعمالا واسعا وعميقا ومنظما. وهو زناد القلب، وغذاء الروح، وروح المعرفة، ودم الحياة الإسلامية وروحها وضياؤها.
التفكر عبادة فعلها الأنبياء وواظب عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت عبادته قبل البعثة حياة نفكر وتعبد لله . قالت عائشة رضي الله عنها.كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي أولات العدد).
فوائد التفكر: التفكر القران الكريم والسنة النبوية يورث فوائد كثيرة منها:
- الاتصال الدائم بالله تعالى: لأن التفكر عبادة لله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، يورث الخشية والخشوع ودوام التوجه إليه.
- تكثير العلم واستجلاب المعرفة: العلم هو الثمرة الخاصة للتفكر، وإذا حصل العلم في القلب تغير حال القلب، وإذا تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح إلى الأحسن والأفضل.
- ترسيخ الإيمان وتنميته إلى درجة اليقين: التفكر في خلق الله، ودراسة الظواهر المختلفة من خلال الايات القرانية يرسخ الإيمان ويبلغ به درجة اليقين .
- مخافة الله والشعور برقابته: عندما يشعر الإنسان بمخافة الله ، ويحس بدوام وجوده معه، فهذا يبعده عن المعصية ، ويصرفه عن السقوط في الجريمة والفساد{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران
- محبة الله تعالى: فأصل المعرفة التفكر، وثمرة المعرفة المحبة، والمحبة غاية كل مؤمن صادق. ومحبة الله تحصل من التفكر في النعم لأن النفس مجبولة على محبة من أحسن إليها، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي).
ـ التفكر في الكتاب: الله سبحانه يدعو عباده إلى تدبر كتابه والتفكر في معانيه. {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}النساء82
لأن التفكر عبادة لله عز وجل بأسمائه وصفاته وأفعاله، والانقطاع إليه تعالى عن غيره، والمداومة على هذا العمل والممارسة عليه تورث ملكة التفكر والاتعاظ ودوام التوجه إليه تعالى، وانقطاع النفس عن كل ما يقطعها عنه، وقد ورد الحث الأكيد على ذلك في القرآن الكريم،كما في الأية السابقة ولما لا يكون التفكر أشرف العبادات، وهو الذي يولد المعرفة عند العبد، ولقد دعا الإسلام إلى التفكر من أجل أن تكتسب المعرفة، وعند بعضهم أن تفكر ساعة يعدل عبادة سنة، والسبب في كون ساعة من التفكر والتأمل تعادل سنة من العبادة هو أن الإنسان يستطيع في ساعة واحدة من التفكر الصحيح المثمر تغذية أسس إيمانه وتقويته، فتبرق في نفسه أنوار المعرفة وتومض في قلبه المحبة الإلهية، فيصل إلى الأشواق الروحية ويطير في أجوائها، ولما سُئل الإمام علي رضي الله عنه: كيف عرفت ربك ؟ قال: عرفت ربي بربي، أي من خلال آيات ربي، وعرفت مراد ربي بمحمد صلى الله عليه وسلم أي بسنته صلى الله عليه وسلم
ومن آداب تلاوة القران التي حددها العلماء التعظيم ( وهو استحضار عظمة منزل القران في القلب وأن ما يقرؤه ليس من كلام البشر ،ويتوصل إلى هذا الكلام بالتفكر في صفات الله وجلاله وأفعاله ، وأن يخلص النية لله ، والتجرد عن الأهواء والرغبات والأغراض الدنيوية الزائلة ) 1
المراجع :ـ
1ـ كتاب لسان العرب لابن منظور
2ـ كتاب فلسفة التربية الإسلامية في الحديث الشريف د/ عبد الجواد سيد بكر الكتاب الخامس دار الفكر العربي
3ـ كتاب البيان المفيد في علم التجويد أ / أماني بنت محمد عاشور الطبعة الثالثة دار القاسم
بشاير عبدالله
431000996
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق