مشروع طالبات جامعة الأميره نوره - قسم التغذيه - مهارات التفكير - التفكير في القران والسنه

مشروع طالبات جامعة الأميره نوره - قسم التغذيه - مهارات التفكير - التفكير في القران والسنه

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

التفكير في القران والسنه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي لم يقدر لانتهاء عزته نحوا ولا قطرا ، ولا يجعل لمراقي الأوهام ومرمى سهام الأفهام إلى حمى عظمته مجرى ، بل ترك قلوب الطالبين في بيداء كبريائه والهة حيرى ، كلما اهتزت لنيل مطلوبها ردتها سبحات الجلال قسرا ، وإذا همت بالانصراف آيسة نوديت من سرادقات الجمال صبرا صبرا ، ثم قيل لها أجيلي في تلك العبودية منك فكرا ، لأنك لو تفكرت في جلال الربوبية لم تقدري له قدرا ، و إن طلبت وراء الفكر في صفاتك أمرا ، فانظري في نعم الله تعالى وأياديه ، كيف توالت عليك تترى ، وجددي لكل نعمة منها ذكرا وشكرا ، وتأملي في بحار المقادير كيف فاضت على العالمين خيرا وشرا ، ونفعا وضرا ، وعسرا ويسرا ، وفوزا وخسرا ، وجبرا وكسرا ، وإيمانا وكفرا ، وعرفانا ونكرا .
والصلاة على محمد سيد ولد آدم  ؛ وإن كان لم يعد سيادته فخرا ؛ صلاة تبقى لنا في عرصات القيامة عدة وخرا ، وعلى آله وأصحابه الذين أصبح كل واحد منهم في سماء الدين بدرا ولطواف المسلمين صدرا ، وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فقد وردت السنة بأن (( تفكر ساعة خير من عبادة سنة )) . وكثر الحث في كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر والافتكار ، ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح الأنوار ومبدأ الاستبصار ، وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم ، وأكثر الناس قد عرفوا فضله ورتبته لكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره ومورده ومجراه ومسرحه وطريقه وكيفيته ، وام يعلم أنه كيف يتفكر ؟ وفيماذا يتفكر ؟ ولماذا يتفكر ؟ وما الذي يطلب به ؟ أهو مراد لعينه أم لثمرة تستفاد منه ؟
فضيلة التفكر ..
قد أمر الله تعالى بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى وأنثى على المتفكرين فقال تعالى : (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا) .
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن قوما تفكروا في الله عز وجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله ، إنكم لن تقدروا قدره )) .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه خرج على قوم ذات يوم وهم يتفكرون فقال : (( مالكم لا تتكلمون ؟ )) . فقالوا : نتفكر في خلق الله عز وجل قال : ((فكذلك فافعلوا ، تفكروا في خلقه ولا تتفكروا فيه فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها بياضها وبياضها نورها ، مسيرة الشمس أربعين يوما بها خلق من خلق الله عز وجل ، لم يعصوا الله طرفة عين )) . قالوا : يارسول الله فأين الشيطان منهم ؟ قال : (( وما يدرون خلق الشيطان أم لا )) . قالوا : من ولد آدم ؟ قال : (( لا يدرون خلق آدم أم لا )) .
وعن عطاء قال : انطلقت يوما أنا وعبيد بن عمير إلى عائشه رضي الله عنها فكلمتنا وبيننا وبينها حجاب فقالت : يا عبيد ما يمنعك من زيارتنا ؟ قال : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( زر غبا تزدد حبا )) . قال ابن عمير : فأخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبكت ، وقالت : كل أمره كان عجبا ، أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ثم قال : (( ذريني أتعبد لربي عز وجل )) . فقام إلى القربة فتوضأ منها ، ثم قام يصلي ، فبكى حتى بل لحيته ، ثم سجد حتى بل الأرض ، ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح ، فقال يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : (( ويحك يا بلال ! وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالى عليَ في هذه الليلة ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لأولي الألباب ) . ثم قال : (( ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها )) . فقيل للأوزاعي ما غاية التفكر فيهن قال يقرؤهن ويعقلهن .
وعن محمد بن واسع أن رجلاً من أهل البصرة ركب إلى أم ذرَ- بعد موت أبي ذرَ- فسألها عن أبي ذرَ ، فقالت : كان نهاره أجمع فيناحية البيت يتفكَر .
وعن الحسن قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . وعن الفضيل قال : الفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك . وقيل لإبراهيم إنك تطيل الفكرة ، فقال : الفكرة مخ العقل .
وكان سفيان بن عيينة كثيراً ما يتمثل بقول القائل :
إذا المرء مانت له فكرة        ففي كل شيء له عبرة
وعن أبي سعيد الخدري قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطوا أعينكم حظها من العبادة ، فقالوا يا رسول الله وما حظها من العبادة ؟ قال : (( النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه )) .
فهكذا تأمل في خاق الله تعالى وتصنيفه وتأليفه ، وكل ما في الوجود من خلق الله وتصنيفه والنظر والفكر فيه لا يتناهى أبداً ، وإنما لكل عبد منها بقدر ما رزق . فلنقتصر على ما ذكرناه ولنضف إلى ما فصلناه في كتاب الشكر ، فإذا نظرنا في ذلك الكتاب في فعل الله تعالى من حيث هو إحسان إلينا وإنعام علينا ، وفي هذا الكتاب نظرنا فيه من حيث إنه فعل الله فقط ، وكل ما نظرنا فيه فيكون سبب هدايته وسعادته . وما من ذرة في السماء والأرض إلا والله سبحانه وتعالى يضل بها من يشاء ويهدي من يشاء ، فمن نظر في هذه الأمور من حيث إنها فعل الله تعالى وصنعه استفاد منه المعرفه بجلال الله تعالى وعظمته واهتدى به ، ومن نظر فيها قاصراً للنظر عليها من حيث تأثير بعضها في بعض لا من حيث ارتباطها بمسبب الأسباب فقد شقى وارتد فنعوذ بالله من الضلا ، ونسأله أن يجنبنا مزلة أقدام الجهال بمنه وكرمه وفضله وجوده ورحمته .

المرجع :
كتاب التفكر في خلق الله ..
المؤلف : الإمام الغزالي
حققه وعلق عليه وقدم له : ماهر المنجد


هيفاء عبدالخالق يحيى 3o4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق